نساء اليمن في قلب الثورة
(DW): تعيش النساء في اليمن في مجتمع تغلب عليه الهيمنة الذكورية، لكن ومنذ عدة شهور دأبت النساء على التظاهر بشجاعة وحزم ضد النظام. مما شكل تغييرا حقيقيا في اليمن.
“ساحة التغيير” هو الاسم الذي أطلقه المتظاهرون ضد النظام اليمني على الساحة الواقعة أمام جامعة صنعاء. فمنذ أكثر من سبعة أشهر والخيام الملونة موجودة هناك، والرايات ولافتات الاحتجاج ترفرف في الهواء. من بين المحتجين المعتصمين في الساحة، هناك حضور لافت للعديد من النساء. حتى في “تعز” ثاني أكبر مدينة جنوب البلاد، تطالب ناشطات جريئات باستقالة الرئيس علي عبد الله صالح. تنام النساء في ساحات الاحتجاج. “إنها المرة الأولى التي تخرج فيها آلاف النساء للتظاهر، مرتديات النقاب الأسود، يصرخن ويتظاهرن ” تقول أمل الباشا، رئيسة منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان في صنعاء.
بدل النقاب الأسود التقليدي تفضل أمل الباشا ارتداء السراويل وتترك شعرها حرا بلا غطاء. للنساء أسباب عديدة للتظاهر تقول أمل. فنسبة الأمية تتراوح ما بين السبعين والثمانين بالمئة في بعض المناطق. كما تموت النساء أثناء الولادة و يتم إجبار الكثيرات من الفتيات الصغيرات على الزواج.” النساء هن اللواتي يعانين تحت وطأة النظام التقليدي في اليمن”.
متظاهرات في صف المشاهير
في الأشهر الماضية فقط تحولت امرأة إلى رمز للتظاهرات الاحتجاجية في اليمن: “توكل كرمان”. هي امرأة في الثانية والثلاثين من عمرها وأم لثلاثة أبناء. ترتدي توكل الغطاء الأسود وهي إحدى مؤسسات منظمة صحفيات بلا قيود، وهي منظمة غير حكومية تناضل منذ أعوام من أجل حرية التعبير وحقوق الإنسان، فتوكل لا يمكنها أن تتمتع بحرية التعبير في اليمن في ظل وجود الرئيس صالح “سنحاكمه هو وأتباعه، وسنتابعه بتهمة الفساد وقتل المتظاهرين. إنه أمر محسوم، علي عبد الله صالح لن يعود إلى السلطة” توضح كرمان خلال مظاهرة في صنعاء في يونيو- حزيران الماضي.
النساء الشجاعات مثل كرمان مازلن يشكلن في اليمن استثناء. لكن مع ذلك لم يشكل انخراط النساء مفاجأة بالنسبة للملاحظين.” كانت النساء فاعلات في المجتمع المدني قبل انخراطهن في الحركات الاحتجاجية. منذ مدة طويلة صارت النساء حاضرات في الحياة العامة. لذلك فمن الطبيعي أن يتظاهرن” تقول دينا المأمون، خبيرة في الشؤون اليمنية لدى منظمة العفو الدولية.
المجتمع اليمني هو مجتمع ذكوري بامتياز، لكن المنظمات غير الحكومية المؤثرة في المدن الكبرى تتولى قيادتها النساء. “صارت النساء قويات اليوم، لأن النظام استهان بهن ولم يأخذهن على محمل الجد”. تقول الناشطة أمل الباشا. “كان منتظرا من الجمعيات النسائية أن تهتم بمواضيع الصحة وتربية الأطفال أو الوقاية.
لكن في حقيقة الأمر “اهتمت الناشطات بالمواضيع التي لطالما شكلت طابوهات” توضح الباشا. وتناضل النساء ضد الاضطهاد ولذلك تم رفع سن الزواج بالنسبة للفتيات “لقد تحايلنا على النظام، فنحن النساء ينظر إلينا على أننا ضعيفات، لكننا استطعنا أن نجعل من هذا الضعف قوة، وطرحنا مشاكل للنقاش ما كان الرجال قادرين على طرحها والاهتمام بها” توضح الناشطة.
النساء في المجلس الانتقالي
في سنة 2006 أسست الناشطات في مجال حقوق المرأة ائتلاف الوطن، وهو قوة ضاغطة من أجل دعم الترشيح النسائي في البرلمان. امرأة واحدة نجحت في دخول البرلمان، لكن الإتلاف ما يزال موجودا إلى حد اليوم. يقدمن الطعام للمتظاهرين في ساحة التغيير ويوفرن الأدوية ووسائل الاستشفاء. لكن الدور الذي من الممكن أن تلعبه النساء في المستقبل لا يزال ضبابيا.” لم نسمع بعد عن الطريقة التي تود أحزاب المعارضة انتهاجها من أجل الارتقاء بوضع المرأة في اليمن، ولا نعرف ما هي المؤسسات التي سيتم تأسيسها ولا موقفهم من قضية حقوق النساء” تقول دينا المأمون من منظمة العفو الدولية.
في آب/أغسطس انتخبت المعارضة مجلسا وطنيا انتقاليا، وتم اختيار إحدى عشرة امرأة من أصل 143 عضوا. لكن الكثير من الرجال يكنون لهن الاحترام. “النساء ناشطات في مجتمع ذي هيمنة ذكورية لا يتصور النساء في المواقع السياسية. لكن ما يجري اليوم على الساحة ومشاركة النساء في ساحات التظاهر وتمثيلهن في المجلس الانتقالي، كل هذا يؤكد على تقدم إيجابي” يقول فؤاد الصالحي، عالم اجتماع في جامعة صنعاء.
من الواضح أن التحدي الأكبر بالنسبة للمتظاهرين يبدأ بعد رحيل صالح عن الحكم. النساء في ساحة التغيير مستعدات لنضال طويل، نضال ضد القيم التقليدية للمجتمع اليمني الذكوري.
يوليا هان/ ريم نجمي
مراجعة: منى صالح
المصدر : دويتشه فيله (DW)